اليوم الخامس
العائلة هي المحلّ الأول لنقل الإيمان والتعلّم على بناء الشركة وتوطيد علاقات الأبوّة والأمومة والبنوّة والأخوّة. العائلة أساس المجتمع وكنيسة مصغّرة. والعائلة التي تُبنى على كلمة الله ومحبّته تثبت أمام جميع الصعوبات وتتخطّى المحن وتتقن التضامن والمساندة والعزاء والتكاتف والمناصرة.
في زمن المحنة والضيقات الكثيرة، يتزعزع إيمان الشعب وتتفرّق العائلات وينقص الفرح ويضعف حبّ الحياة.
إن سنوات السبي والجلاء والتهجير واللجوء هي أيام قهرٍ وظلمٍ وتعاسة. فيها يخفّ الرجاء لأنّ الشعب يتساءل حول وجود الله ورعايته وحمايته وحضوره وسط شعبه. الأحداث المؤلمة تحجب وجه الله وكلمته. فيشعر أبناء الشعب بأنّهم بلا رجاء. لكنّ افتقاد الله لأبنائه يعيد إليهم الثقة بغدٍ أفضل. هو يعيدهم من المنفى ويجمع العائلات ويعيد الفرح وينعش حبّ الحياة من خلال استعادة إرادة البناء، والإنجاب، والاستثمار… وكلّها علامات رجاء وثقة ومحبّة.
ونحن اليوم مهما قست الظروف، مدعوون لإعادة بناء عائلاتنا بقوة كلمة الله وفرح الرجاء. وفي قلب عائلاتنا يبقى الإصغاء إلى كلمة الله وعيش المحبّة بالتضامن الأخويّ سبيلاً إلى الرجاء الحقّ.
إرميا 29 : 1 – 14 “هذا نَصُّ الكتابِ الّذي أرسلَهُ إرميا النَّبـيُّ مِنْ أُورُشليمَ إلى بَقيَّةِ الشُّيوخِ في السَّبْـي، وإلى الكهنَةِ والأنبـياءِ وعُمومِ الّذينَ سَباهُم نَبوخذنَصَّرُ مِنْ أُورُشليمَ إلى بابِلَ، بَعدَ أنْ خرَجَ يكُنيا المَلِكُ والمَلِكَةُ والخِصيانُ ورُؤساءُ يَهوذا وأُورُشليمَ والنَّجَّارونَ والحَدَّادونَ مِنْ أُورُشليمَ. كانَ ذلِكَ على يَدِ ألعاسةَ بنِ شافانَ وجَمَرْيا بنِ حَلْقيَّا اللَّذينَ أوفَدَهُما صِدقيَّا مَلِكُ يَهوذا إلى نبوخذنَصَّرَ مَلِكِ بابِلَ، وفيهِ يقولُ: «قالَ الرّبُّ القديرُ إلهُ إِسرائيلَ لِكُلِّ الّذينَ سَبَيتُهُم مِنْ أُورُشليمَ إلى بابِلَ: إبنوا بُيوتا واسكُنوا واغرُسوا بساتينَ وكُلوا مِنْ ثمَرِها. تَزَوَّجوا ولِدوا بَنينَ وبَناتٍ وزَوِّجوا بَنيكُم وبَناتِكُم لِـيَلِدوا بَنينَ وبَناتٍ، وأكثِروا هُناكَ ولا تَقِلُّوا. إعمَلوا لِخَيرِ المدينةِ الّتي سبَيتُكُم إليها، وصلُّوا مِنْ أجلِها. ففي خَيرِها خَيرُكُم. لأنَّهُ هذا ما قالَ الرّبُّ القديرُ إلهُ إِسرائيلَ: لا يُضِلَّكُم أنبـياؤُكُم والعَرَّافونَ الّذينَ بَينَكُم، ولا تَسمَعوا لِلأحلامِ الّتي يَحلمونَ. فهُم يتَنَبَّأونَ لكُم باسمي زُورا، وأنا لم أُرسِلْهُم يقولُ الرّبُّ.
«وقالَ الرّبُّ: عِندَما تَتِمُّ لكُم سَبعونَ سنَةً في بابِلَ أتفَقَّدُكُم وأبُرُّ بِوَعدي لكُم، فأُعيدُكُم إلى هذا المَوضِعِ. أنا أعرِفُ ما نَوَيتُ لكُم مِنْ خَيرٍ لا مِنْ شَرٍّ، فيكونُ لكُمُ الغَدُ الّذي تَرجونَ. فتَدعونَني وتَجيئونَ وتُصَلُّونَ إليَّ فأستَمِع لكُم، وتَطلُبونَني فتَجِدونَني إذا طلَبتُموني بِكُلِّ قُلوبِكُم. وأُوجَدُ بَينَكُم وأُعيدُ لكُم أمجادَكُم وأجمَعُكُم مِنْ بَينِ كُلِّ الأُمَمِ ومِنْ جميعِ المَواضعِ الّتي طَرَدْتُكُم إليها، وأُعيدُكُم إلى المَوضعِ الّذي سَبَيتُكُم مِنهُ.”
بعد الجلاء الى بابل، أرسل إرميا إلى المسبيّين رسالة تعزيةٍ ورجاء، ليشجع العائلات على الفرح والإنجاب والاستمرار بالزرع والبناء، لأن أفكار الرَب بشأنهم “هي أفكار سلام لا بلوى، ليمنحهم بقاءً ورجاءً” (إرميا 29 : 11 ).
مزمور 71 : 1 – 24
1بِكَ يا ربُّ أحتَمي،
فلا أَخزى إلى الأَبدِ.
2بِــعَدلِكَ أنقِذْني ونَجِّني.
أمِلْ إليَّ أُذُنَكَ وخَلِّصْني.
3كُنْ لي صخرةَ عَونٍ
ألتَجِـئُ إليها كُلَّ حينٍ.
أوصيتَ بِتَخليصي يا ربُّ
لأنَّكَ صخرتي وحِصْني.
4نَجِّني يا اللهُ مِنْ يدِ الشِّرِّيرِ،
من قَبضَةِ الجائِرينَ المُبغِضينَ.
5رجائي أنتَ يا سيِّدي الرّب،
وعلَيكَ اتَّكَلْتُ مُنذُ صِبايَ.
6إليكَ استَنَدْتُ مِنَ الرَّحِمِ،
ومِنْ أحشاءِ أُمِّي أنتَ كِفايَتي،
ولكَ أُهَلِّلُ في كُلِّ حينٍ.
7صِرْتُ أُعجوبَةً لِكثيرينَ،
وأنتَ حِمايَ المَنيعُ.
8يمتَلِـئُ فَمي مِنَ التَّهليلِ لكَ،
ومِنْ تَمجيدِكَ نهارا وليلا.
9لا تَرفُضْني في زَمَنِ شيخُوخَتي،
ولا تـترُكْني عِندَ فَناءِ قُوَّتي.
10أعدائي يَتكَلَّمونَ عليَّ،
يُراقِبونَني ويَتآمَرُونَ معا.
11يقولونَ إِنَّ اللهَ تَركَهُ،
فالحَقُوهُ وأمسِكوهُ فلا مَنْ يُنقِذُهُ.
12لا تبتَعدْ يا اللهُ عنِّي،
يا إلهي أسرِعْ إلى نصرَتي.
13البُؤسُ والفَناءُ لِمَنْ يُقاوِمُني،
وَليُغطِّ العارُ والهَوانُ مَنْ يطلُبُ السُّوءَ لي.
14أنا أرجوكَ في كُلِّ حينٍ
وأزيدُكَ تَهليلا على تَهليلٍ.
15أُحَدِّثُ بِــعَدلِكَ ليلَ نهار،
وبِـخلاصِكَ الّذي لا أعرِفُ حدًّا لهُ.
16أُقِرُّ بجَبَروتِكَ أيُّها السَّيِّدُ،
وأَذكُرُ عَدلَكَ يا ربُّ وحدَكَ.
17علَّمْتَني يا اللهُ مُنذُ صِبايَ،
وإلى الآنَ أُخبِرُ بِــعَجائِبِكَ.
18في المَشيـبِ والشَّيخوخةِ لا تـترُكْني،
فأُخبِرَ هذا الجيلَ والأجيالَ الآتيةَ
بِقُوَّةِ ذِراعِكَ وجَبَرُوتِكَ.
19عدلُكَ يا اللهُ يسمو إلى العُلى،
مَنْ مِثلُكَ يا اللهُ يصنَعُ العظائِمَ؟
20أرَيتَني الكثيرَ مِنَ الضِّيقِ والبلايا،
لكِنَّك يا اللهُ تعودُ فتُحيـيني،
ومِنْ أعماقِ الأرضِ ترفَعُني.
21تَزيدُ يا ربُّ في عَظَمَتي
وتَرجِـعُ إليَّ فَتُعَزِّيني.
22على القيثارةِ أحمَدُكَ.
لأنَّكَ يا إلهي أمينٌ لي
وبالكَنَّارةِ أُرَتِّلُ لكَ
يا قدُّوسَ إسرائيلَ.
23تُرَنِّمُ شَفَتايَ وتُرَتِّلانِ لكَ
ونفْسي الّتي افتَديتَها.
24لِساني يلهَجُ بِــعَدلِكَ ليلَ نهار،
لأنَّ الّذينَ طلَبُوا الشَّرَّ لي خَزُوا وخَجِلوا.
الرسالة إلى أهل روما 5 : 1 – 5 “فلمّا بَــرّرَنا اللهُ بالإيمانِ نَعِمْنا بِسلامٍ معَهُ بِرَبّنا يَسوعَ المَسيحِ، وبِه دَخَلنا بالإيمانِ إلى هذِهِ النّعمَةِ التي نُقيمُ فيها ونَفْتَخِرُ على رَجاءِ المُشاركَةِ في مَجدِ اللهِ، بَلْ نَحنُ نَفتَخِرُ بِها في الشدائدِ لعِلمِنا أنّ الشِدّةَ تَلِدُ الصّبْرَ، والصّبرُ اَمتِحانٌ لنا، والامتِحانُ يَلِدُ الرّجاءَ، ورَجاؤُنا لا يَخيبُ، لأنّ اللهَ سكَبَ مَحبّتَهُ في قُلوبِنا بالرّوحِ القُدُسِ الذي وهبَهُ لنا.”
في الرسالة إلى أهل روما، يتكلّم القديس بولس الرسول عن الإيمان والرجاء والمحبة كمثلّثٍ متكامل من الفضائل الإلهيّة في الحياة المسيحيّة. وهو يقرّ بأنّ الواقع مليءٌ بالشدائد، ولكن الثبات مبنيٌّ في رسالته على الرجاء وعلى معرفة محبة الله. الإيمان بكلمة الله وتدبيره يجعل حياتنا في سلامٍ على الرغم من الضيقات. هذه الكلمة تنشئ فينا صبرًا والصبرُ تزكيةً والتزكية رجاءً. نحن نفتخر بنعمة الإيمان على رجاء مجد الله لأنّ محبّة الله هي مصدر رجائنا.
كيف تُصغي عائلاتنا اليوم إلى كلمة الله وكيف تستمدّ منها القوّة والتعزيّة ؟ كيف تعزّر كلمة الله الرجاء في عائلاتنا لتعيد إليها الفرح وحبّ الحياة والرغبة بالاستثمار في الإنجاب والتربية؟